الحق في الحوار عبر الثقافي

"الجنة هي محبة أشياء كثيرة بولع" بابلو بيكاسو
في إطار نشاطها الثقافي والفني، وانسجاما مع أهدافها التنموية المستدامة والمواطنة، تمكنت مرة أخرى إڤري كوم من ضمان تنظيم المعرض الدولي للفن بالدار البيضاء، شكلا ومضمونا، جاعلة التنمية في قلب الاستمرارية واحترام الأصالة والمعاصرة .
إنه حدث وازن يقدم مختارات فنية متعددة الأساليب من مختلف الآفاق، ويبرز تنوع ودينامية المشهد الإبداعي بالمغرب المتعدد. فهذا الحدث يعزز سياسة الشراكة التفاعلية مع مختلف الفاعلين المعنيين داخل المغرب وخارجه بوصفهم مدماك التنمية السوسيوثقافية، والسياحية والاقتصادية : شراكة مستدامة تنهض كدعامة لترويج الأحداث والأنشطة الفنية على غرار البينالي الدولي للفن خارج المعايير بمبادرة جمعية « La Sauce Singulière » الفرنسية.
إن المعرض أرضية عامة تفصح من خلالها الثقافة الفنية عن ذاتها بفخر في ضوء مختلف تعابيرها واتجاهاتها بدون إقصاء أو انحياز. كل هذه المعطيات مجتمعة تثمن و تساهم في حركية مشهدنا الفني، وهي من الشروط الحتمية لتنمية السياحة الثقافية، الوطنية والدولية، والتي ستتعدد آثارها الإيجابية مستقبلا. حرصت إڤري كوم على أن يكون فضاء المعرض المشبع بالروح الصوفية، وكذا التنظيم والخدمات المقدمة في مستوى هذه التظاهرة الجميلة. هكذا، تم تسخير هذا الحدث لخدمة الفن والإبداع البصري، ومن خلالهما، لخدمة الصورة الدولية للمملكة المغربية.
إن الفنانين العارضين يسائلون نقاط لقاء هوية عبر ثقافية، ويقدمون ثراء القيم المؤكدة بمنأى عن العولمة المتوحشة و العمياء . فهم واعون كل الوعي بالدور الكبير الذي يلعبه الإبداع في التنمية الفنية، والثقافية، والاقتصادية للبلدان. إن الجمهور المستهدف سيفتتن لا بالمنجزات الفنية الأصيلة فحسب، بل أيضا بالقيم النفيسة للسلم، والتسامح، والتقاسم، والحوار بين الشعوب والثقافات والحضارات. يذكر الإنسان والفن معا طيلة ثمانية أيام من المعرض بأن الفن سليل الولع : هذا الوقود الذي يغذي إلهام الفنانين ويجعلهم يحبون الحياة والأشياء. كما نتذكر معا قولة النحات رودان : »الفن، هو أسمى رسالة لدى الإنسان، مادام يشكل اختبار الفكر الذي يبحث عن فهم العالم وإيصال فهمه للآخرين« .
تمكنت هذه التظاهرة الفنية الفريدة من نوعها بالمغرب والمقامة تحت شعار"الفن في خدمة الحوار" من تثمين تراثنا التشكيلي، ناسجة خيط وصل بين حاضر قيد الحركة ومستقبل قيد التكوين. وهي تتسم هذه السنة بمشاركة عدد وازن من الفنانين الذين يلقنون محبة وتقدير ثقافة الاختلاف والحق في الحلم. المعرض، أيضا، يعتبر تكريما للطبيعة ونداء من أجل إنقاذها.
عبد الله الشيخ
مكلف بالتواصل
ناقد فني